top of page

تطبيقات السياسات النقدية في العراق والمقترحات للمرحلة المقبلة

  • alghezinaji
  • 4 نوفمبر 2021
  • 7 دقائق قراءة

يعتبر البنك المركزي العراقي، المسؤول عن السياسة النقدية في العراق وتطبيقاتها وعن الدور التنموي الذي يجب أن يقوم به كمؤسسة سيادية رصينة في رسم وتطبيق السياسة النقدية خلال الفترة من 2004 تاريخ صدور قانونه ولغاية الوقت الحاضر، مروراً بجميع مراحل الإنجاز والاخفاق التي مر بها والذي حاول من خلال ما تم إنجازه أن يخلق نوعاً من الاستقرار الاقتصادي بالرغم من عدم الاستقرار الأمني والسياسي والصعوبات والظروف الموضوعية والذاتية التي كانت ترافق عمله، حيث كان هناك تشابك في الخطط والسياسات. ولكن بعد ذلك أصبح للسياسة النقدية ملامح واتجاهات واستراتيجيات واضحة أساسها تخفيض التضخم الجامح الذي أثّر تأثيراً سلبياً واضحاً على كل معالم الحياة الاقتصادية منذ الحصار المفروض على العراق في عام 1991، ونتيجة لما عاناه العراق من حروب واضطرابات عديدة أصبح التضخم يتصاعد بوتائر عالية قياسية حتى وصل أعلى معدلاته فتدهورت كل القطاعات الإنتاجية وأصبحت الفجوة كبيرة جداً بين الأجور والرواتب وارتفاع الأسعار، وفي ضوء المتغيرات الكثيرة التي مر بها الاقتصاد العراقي ما بعد 2003 وصدور قانون البنك المركزي العراقي رقم 56 لسنة 2004 والذي بموجبه تولى مجلس إدارة البنك المركزي العراقي إصدار اللوائح والتعليمات وحدّد الآليات والأدوات والتطبيقات للسياسة النقدية في العراق بهدف تحقيق أهداف مركزية أساسية، منها: تخفيض التضخم الجامح ورفع القيمة الشرائية للدينار العراقي والمحافظة على معدلات متوازنة له بالمقارنة مع العملات الأجنبية وبشكل خاص الدولار الأميركي، إضافة إلى تكوين احتياطي من العملة الأجنبية وإدارتها كونه الجهة المسؤولة عن إصدار العملة وحماية قيمتها في الداخل والخارج. إضافة إلى ذلك، يهدف البنك المركزي العراقي وفقاً لما ورد بقانونه إلى السعي لتحقيق الاستقرار في سعر الصرف للدينار العراقي وتعزيز الحفاظ على نظام مالي مستقر تنافسي ويستند إلى السوق ويقوم بتعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام والرخاء والرفاهية.

وتتمثل وظائف البنك المركزي العراقي في تحقيق الأهداف أعلاه كما يلي:

صياغة وتنفيذ السياسة النقدية بما فيها سياسة سعر الصرف.

الاحتفاظ وإدارة كافة الاحتياطات الأجنبية.

إدارة احتياطي الحكومة من الذهب.

إصدار وإدارة العملة العراقية.

مراقبة وتعزيز سلامة وكفاءة أنظمة الدفع.

إصدار التراخيص أو الإجازات للمصارف وتنظيم ومراقبة المصارف كما هو محدد في قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004.

أهداف السياسة النقدية

وتتمثل أهداف السياسة النقدية بتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي وخفض معدلات البطالة واستقرار أسعار السلع والخدمات واستقرار أسعار الصرف وتحسين وضع ميزان المدفوعات


وتحقيق هذه الأهداف من خلال اتباع أدوات السياسة النقدية المباشرة وغير المباشرة. ويمكن تحديد أهم هذه الأهداف كما يلي:

1. الحد من التضخم

إن حالة التجذر في الظاهرة التضخمية الناجمة عن ضغوط الطلب الكلي أدت إلى اختلال سوق النقد من حيث رغبة الجمهور في الاحتفاظ بالأرصدة النقدية إزاء المعروض من تلك الأرصدة، مما يعكس زيادة في سرعة تداول النقود وزيادة في التوقعات التضخمية في وقت واحد إذ صارت الاخيرة المصدر الرئيس لاستمرار الظاهرة التضخمية، لذلك كان هدف الحد من التضخم الجامح من الأهداف الرئيسية للسياسة النقدية.


2. المحافظة على توازن السوق النقدية

إن العمل على تقوية سعر صرف الدينار العراقي فضلاً عن مواجهة ظاهرة الاحلال النقدي وما تتطلبه من توافر سياسة نقدية متشددة باتجاهي سعر الصرف والفائدة وهو ما سيؤثر في توازن السوق النقدية.

3. الاحتفاظ وإدارة الاحتياطيات الأجنبية (النقد الأجنبي والذهب)

من المهام الأساسية للبنك المركزي العراقي هو بناء احتياطي نقدي أجنبي بهدف تعزيز وتغطية سعر صرف الدينار العراقي وخلق الاستقرار قي السوق النقدي وهو أحد مؤشرات نجاح تطبيقات السياسة النقدية.

4. إصلاح نظام إدارة العملة

إن تبني نظام إدارة العملة، أي التحول من كمية قليلة من العملة تلاحق كمية كبيرة من سعر الخدمات وهي تعبر عن مرحلة الاستقرار والنمو والازدهار، وعلى هذا الأساس فإن المشروع المقترح لحذف الأصفار من الدينار العراقي تطلق من اعتبارات حسن إدارة النظام النقدي والتحول من كتلة نقدية مترهلة إلى كتلة نقدية سهلة التداول والإيداع.

أدوات السياسة النقدية

تعتبر السياسة النقدية من أبرز السياسات الاقتصادية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتثبيت معدلات سعر الصرف التي تزيد الاقتصاد الوطني قوة وفاعلية لمواجهة التحديات الاقتصادية، حيث إن تحقيق احتياطي من النقد الأجنبي يبلغ حالياً بحدود 61 مليار دولار وتثبيت سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار يعتبر أمراً ضرورياً ومناسباً، وكان لمزادات العملة الأجنبية التي يعقدها البنك المركزي العراقي دور إيجابي في الحفاظ على مستوى مناسب من سعر الصرف وتثبيته ودور سلبي في عدم السيطرة على العملة الأجنبية، مما أدى إلى هروب قسم مما يباع إلى الخارج وبشكل رسمي وبدون سيطرة، مما أضر بالاقتصاد العراقي وقد اتخذ البنك المركزي العراقي خطوات عدة لتوسيع لائحة الأدوات المتاحة للسياسة النقدية وتغطية الاحتياطي المطلوب ليشمل الودائع الحكومية ومنح التسهيلات على الودائع التي تستحق في مدة قصيرة بهدف السماح للمصارف بإدارة وضع سيولتها بطريقة أكثر فعالية ويمكن تحديد أهم ما تم تحقيقه من أدوات السياسة النقدية خلال السنوات (2004-2015) كما يلي:

أولاً: الاستقرار النسبي في معدلات سعر الصرف

إن الهيكلية الحالية لاستقرار معدلات سعر الصرف بالرغم من الارتفاع والهبوط إلى المعدلات الحالية عدة مرات خلال عامي 2014 و2015 قد منحت فرصة للاقتصاد العراقي لإعادة بنائه ونموه النسبي على الرغم من أن الأسعار لم تستقر بشكل كامل، ويعود الأمر في جانب منه إلى عدم الاستقرار وطبيعة الظروف الأمنية والسياسية وهبوط أسعار النفط عالمياً وضعف التخطيط الاقتصادي التي يمر بها العراق، حيث تمكنت السياسة التي اعتمدها البنك المركزي العراقي من المحافظة على معدل سعر متوازن نسبياً للدينار العراقي.

ثانياً: السياسة النقدية المتشددة

إن السياسة النقدية المتشددة التي يعتمدها البنك المركزي العراقي في إطار استراتيجيته الرامية إلى تحقيق هدف الاستقرار قد أظهرت أن النظام المالي المدولر أخذ يتجه نحو الانخفاض بسبب إطلاق حرية التحويل الخارجي وفق أسس وضوابط تم تعديلها عدة مرات، ولكن لم يتم السيطرة الكاملة على سوق التداول النقدي بسبب المضاربات في السوق الموازية وضعف الآليات والسياسات المعتمدة وفقدان التنسيق بين الحلقات والاجهزة الاقتصادية المختصة في العراق.

ثالثاً: استقرار النظام المالي

لقد شرعت السياسة النقدية على تأسيس إطار عمل فعال يعمل لتقوية الثقة بالعملة المحلية وخلق ظروف قوية وعميقة في استقرار النظام المالي، أي نقل تأثير الأهداف التشغيلية للسياسة النقدية الي تحقيق الأهداف الآنية للسياسة نفسها.

رابعاً: الحد من الظاهرة التضخمية

يعكس الانخفاض التدريجي في الظاهرة التضخمية الآثار الايجابية لسياسة البنك المركزي العراقي في تعزيز سعر صرف الدينار العراقي الذي أضفى آثاره القوية على استقرار أسعار السلع القابلة للتبادل والتي أشار إليها في الوقت نفسه التضخم السنوي الأساس (معبراً عنه بالرقم القياسي لأسعار المستهلك)، حيث أدت هذه السياسة إلى تخفيض معدلات التضخم السنوي إلى 2.6% في آب/أغسطس عام 2015، ويتطلب من البنك المركزي العراقي اعتماد سياسة ترمي إلى خفض التضخم والتصدي لاتجاهاته ومسبباته وعلى نحو يوفر استقراراً نقدياً أوسع وتعجيلاً في معدلات النمو الاقتصادي وضمان إدامته عبر إشارتين أساسيتين وهما تعزيز سعر الفائدة الحقيقي وسعر صرف الدينار العراقي على نحو يعجل من توازن واستقرار السوق المالية والاستقرار الكلي في البلاد.

خامساً: السيطرة على مناسيب السيولة وإدارتها

استناداً إلى قواعد الاستقرار الاقتصادي تعمل السياسة النقدية بتحليل عرض النقد بمفهومه الضيق والواسع ووضع السيولة وتحديد عرض النقد ومكوناته بالمفهوم الواسع (السيولة النقدية)، ولكن واقع التطبيق يؤكد أن السيطرة على مناسيب السيولة لم يتحقق بشكل كامل وفاعل وكان لهذا تأثيراته السلبية على حركة التداول النقدي، وبالتالي عدم السيطرة على معدلات السيولة في حدودها الدنيا والعليا وضمن المعايير المحددة من قبل البنك المركزي العراقي.

سادساً: تحفيز المصارف للتوجه نحو السوق

تنفيذاً للسياسة النقدية المعتمدة وبما يخدم توسيع نطاق الائتمان ويحقق أهداف التنمية الاقتصادية فقد استخدم البنك هذه الاداة بقصد السيطرة على السيولة النقدية من خلال توجه المصارف نحو السوق والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بمنح الائتمان النقدي لتمويل القطاعات الاقتصادية في الزراعة والصناعة والخدمات والتجارة والإسكان، ولكن ظروف العراق الاقتصادية والأمنية والسياسية وعدم إعطاء دور أساسي للقطاع المصرفي الخاص أدى إلى ضعف قيام القطاع الخاص بقيادة السوق.

مقترحات تطبيقات السياسة النقدية للمرحلة المقبلة

بما أن البنك المركزي العراقي يقوم حالياً بإعداد خطته للسنوات المقبلة في تطوير سياساته وبرامجه وآليات عمله وبشكل خاص ما يتعلق بتطبيقات السياسة النقدية ووسائل الإشراف والرقابة على القطاع المصرفي العراقي، نرى أن تتم دراسة الملاحظات والمقترحات التالية:

أن يقوم البنك المركزي العراقي بإعادة خطته وسياساته النقدية المستقبلية حتى عام 2020 مع تأكيد هدفه الأساسي وهو معالجة التضخم ويحقق النمو المخطط في مساهمة القطاع المصرفي في الناتج المحلي الإجمالي، وهذه مهمة اقتصادية مركزية، كذلك من الضروري البحث عن سياسات جديدة تحقق هذا الهدف وتتيح للمصارف الحكومية والخاصة المشاركة في النمو والاستثمار وفق آليات وسياسات ممكنة التطبيق وبدون فرض سياسات مشددة وإعطاء مرونات كافية.

معالجة الفجوة الظاهرة بين السياسات المالية للدولة والسياسات النقدية المعتمدة من البنك المركزي العراقي ومتطلبات مكافحة الضغوط التضخمية والحد من الانفاق الجاري والتنسيق في الخطط والبرامج لتحقيق إنقاذ الاقتصاد العراقي من الانهيارات المالية.

تفعيل سياسات البنك المركزي العراقي الخاصة بالسيطرة على السياسة النقدية في دعم النظام المصرفي الخاص وإعادة النظر بسياسات الإقراض وآليات إدارة المخاطر الائتمانية في منح الائتمان والقروض الصغيرة والمتوسطة والاستثمار في القطاعات الإنتاجية والاستثمارية التي تحقق تدفقاً نقدياً واضحاً وتنعش الدورة الاقتصادية بما يساهم في التنمية الاقتصادية وتنويع الموارد المالية للموازنة العامة.

قيام البنك المركزي العراقي بإعادة النظر بدراسة إمكانية تخفيض الغطاء القانوني المستقطع من حجم الودائع لدى المصارف وتجميدها لدى البنك المركزي العراقي بدون استثمار، حيث إن هذه المبالغ المجمدة يمكن أن تستثمر ويمكن الاستفادة منها لدعم المصارف الخاصة ويمكنها من توسيع نشاطاتها الاستثمارية والبحث عن منتجات مصرفية جديدة، وهذا يتطلب وضع آليات لإقراض المصارف التي تعاني من أزمة سيولة خانقة بسبب الظرف الاقتصادي العام الذي يمر به العراق.

تطوير ودعم وتحفيز سوق العراق للأوراق المالية وإيجاد الوسائل والأدوات التي تدفع باتجاه رفع أسعار مؤشر السوق والشركات بما يتلاءم وموجوداتها ومعايير إنتاجها وأرباحها بما لا يقل حتماً عن قيمة الأسهم الحقيقية ومنع المضاربات التي تضر بالأصول العراقية بما لا يتناسب وقيمتها الحقيقية والفعلية.

قيام البنك المركزي العراقي بإعادة النظر بالتعليمات الخاصة بمزاد العملة الأجنبية وتنظيم عملية بيع الدولار وتحديد دور المصارف في الوساطة بين الزبون وبين البنك المركزي، إضافة إلى تحديد مسؤولية وزارة التجارة ووزارة المالية ووزارة التخطيط في المخالفات التي يرتكبها بعض الزبائن وعدم تحميل المسؤولية للمصارف فقط.

إنشاء (صندوق) أو (محفظة خاصة) لشهادات الايداع تصدرها المصارف الراغبة لمعالجة تدهور أسعار الأسهم في سوق العراق للأوراق المالية وإضافة إدارة مصرفية جديدة للاستثمار الحالي لتحفيز المناخ الاستثماري في السوق، وكذلك زيادة حجم ودائع المصارف مما يؤدي إلى زيادة نشاطاتها الاستثمارية بكافة القطاعات الاقتصادية وبالتالي تحقيق مردود إيجابي للمستثمرين.

قيام مجالس الإدارة في المصارف بإقرار إستراتيجية للمخاطر التشغيلية وتنفيذها من الإدارة التنفيذية للمصرف لتضمن تحديد المخاطر التشغيلية المتعلقة بكل أنواع المنتجات المصرفية، وتوفير قاعدة للمعلومات المتدفقة في المصرف، والتي تلعب دوراً مهماً ورئيسياً في إنشاء إطار عمل فعال لإدارة المخاطر التشغيلية ومتابعة مدى امتلاك المصارف نظاماً فعالاً لتحديد وقياس ومراقبة المخاطر التشغيلية كجزء من إدارة المخاطر. وقيام البنك المركزي بإعداد تقييم منتظم ومستقل لاستراتيجيات وسياسات وإجراءات المصرف المتعلقة بالمخاطر التشغيلية واعتماد هذا التنظيم كأحد المعايير الأساسية لتقييم المصارف وتصنيفها.

إعادة النظر بمخصص الديون المشكوك في تحصيلها وفقاً للائحة الارشادية وإعادة مرونات ومدد زمنية إضافية للمصارف لكي تتمكن من تصفية هذه الديون والتي أغلبها تعود لفترات سابقة، وللتأكد من أن أغلب المدينين هاجروا خارج مدنهم لأسباب أمنية خارجة عن إرادتهم.

إعادة هيكلة القطاع المصرفي وخاصة القطاع المصرفي الحكومي ودراسة خصخصة بعض أقسامه وفروعه والعمل على تفعيل المصارف العاملة بتوسيع وتنويع خدماتها المصرفية خاصة زيادة حصتها الائتمانية والاستثمارية بشكل متوازن مع عوائدها الكلية لتصبح هذه المصارف ركيزة فعالة للنمو الاقتصادي على أن تبتعد عن احتكار بعض العمليات المصرفية وحجب الأنشطة الحكومية والمؤسسات العامة عن المصارف الخاصة.


اتحاد المصارف العربية

Comentários


القائمة البريدية

اشترك في النشرة الإخبارية معنا

شكرا للاشتراك معنا

logo4.png

مؤسسة الزوراء للتطوير الاقتصادي تعنى بالشؤون الاقتصادية العراقية. تأسست نتيجة للاهمال الحاصل في المنظومة الاقتصادية العراقية وتعطيل القطاعات الانتاجية المهمة كالقطاع الزراعي والصناعي والسياحي  وجاءت لتهتم بتطوير السياسات الاقتصادية في العراق, بهدف تقديم الخطط والمشاريع التي تساهم في تعظيم الموارد الاقتصادية وذلك من خلال تقديم الدراسات والبحوث والمؤتمرات والورش والندوات التي تساهم في رصد وتحليل التحديات التي تواجه القطاع العام والخاص، ووضع الحلول لمواجهتها.

  • telegram
  • White Facebook Icon

Copyright © 2022 alzawraforum.com - All rights reserved

bottom of page