التجربة الزراعية للعتبة الحسينية المقدسة
- alghezinaji
- 9 يوليو 2022
- 5 دقيقة قراءة

يونس الكعبي
بعد سنوات من ضياع الهوية الزراعية العراقية نتيجة أعمال النظام السابق و تراخي الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 بالأهتمام بالقطاع الزراعي ، تبرز تجربة العتبة الحسينية المقدسة في القيام بحملة زراعية شاملة في محافظة كربلاء المقدسة .
هذه التجربة فريدة من نوعها و ناجحة بجميع المقايس لأنها خرجت عن الأطار الروتيني و اعتمدت التخطيط الصحيح ووفرت التمويل اللازم لأنجاح هذه المشاريع .
التجربة الزراعية للعتبة الحسينية المقدسة عبارة عن خليط من الأدارة الحكومية وادارة القطاع الخاص بتناغم و انسجام ، و كذلك وجود هيكل أداري كفوء ونزيه أدار كل هذه المشاريع و ادام استمراريتها و نموها وتحقيقها النتائج المرجوة منها .
في ظل حاجة العراق الى المواد الغذائية و في مقدمتها الفواكه و الخضر و التي كان العراق و لازال يستورد الجزء الأكبر منها من دول الجوار برزت أهمية أن تكون هناك مشاريع زراعية قادرة على توفير هذه الأحتياجات و تلبية متطلبات السوق المحلية .
و لا يخفى على أحد أن العراق بعد عام 2003 أصبح يعتمد و بشكل شبه كامل على اقتصاد النفط و تجاهل القطاع الصناعي و الزراعي ، سواء كان هذا التجاهل متعمداً أو فرضته الظروف و الأرادات التي سيطرت على مقدرات البلد .
و اصبحت الأراضي الزراعية مهملة من قبل الحكومة و الفلاحين . و العوائد العالية للنفط كانت تغطي احتياجات العراق من الفواكه و الخضار بأستيرادها بعد أن فتحت المنافذ الحدودية على مصراعيها و ضاعت الضوابط و التعليمات التي كانت تحكم استيراد هذه المنتجات ، و الموضوع لا يقتصر على القطاع الزراعي فقط و انما شمل ايضاً قطاعات الصناعة و التجارة و باقي القطاعات الأقتصادية الأخرى ، و تحولت الكثير من الأراضي الزراعية و البساتين الى مناطق سكنية .
من هنا كان الأنتباه من قبل العتبات المقدسة و في مقدمتها العتبة الحسينية المقدسة لأنشاء مزارع ضخمة شكلت البداية للأعتماد على الأنتاج الزراعي المحلي و توفير منتجات زراعية بنوعية جيدة و أسعار مقبولة . اضافة الى مشاريع لأنتاج اللحوم بنوعيها الحمراء و البيضاء . و بأسعار مدعومة.
بداية التجربة :
بدأت هذه التجربة الرائدة عام 2009 عندما أنشأت العتبة الحسينية المقدسة مدينة الأمام الحسين الزراعية النموذجية على مساحة تمتد ل 1000 دونم ، و تقع على الطريق الرابط بين محافظتي النجف الأشرف و كربلاء المقدسة. و هذه المزرعة توفر اليوم و تغطي جزء كبير من المحاصيل الصيفية و الشتوية ، و منتوجاتها تطرح في الأسواق المحلية على مدار السنة مثل الطماطم و الخيار و الفلفل بأنواعه و الطماطم الكرزية فضلاً عن الباذنجان .
هذا الانتاج من الخضروات يمتاز بمقاومته الامراض الفيروسية و الفطريات و تحت اشراف مهندسين زراعيين كفوءين ، و حتى الأسمدة يتم الأعتماد على الأسمدة العضوية و الأبتعاد عن الأسمدة الكيمياوية لذلك تتميز بالطراوة و الطعم المميز.
تقنيات حديثة :
عمدت مزارع العتبة الحسينية المقدسة في سبيل رفع الطاقة الأنتاجية و انتاج محاصيل مطابقة للنظام الصحي في الأسواق الى أستخدام التقنيات الحديثة و الأساليب المتطورة و العلمية حيث أستخدمت مزارع العتبة الحسينية آلات و مكائن زراعية خاصة، و ذات مواصفات عالمية حاصلة على شهادة الأيزو 9001 من أجل توفير افضل بيئة للمزروعات.
و من المعلوم أن مشكلة المياه هي أهم تحدي يواجه أي مشروع زراعي و هي مشكلة ملازمة للزراعة في العراق ، و لكن بهذه المزرعة تم الاعتماد على على الآبار الأرتوازية بشكل كامل ، و تم أستخدام 6 مرشات محورية متحركة ،فضلاً عن المرشات الثابتة التي تغطي مساحة 900 دونم و يبلغ عددها 6 مرشات ايضاً بالأضافة الى طرق حديثة لتحلية المياه و تقليل الملوحة من خلال شبكة مبازل ضخمة تمتد على طول المزرعة و بعد التخلص من مشكلة المياه تم التوجه لمعالجة التربة الصحراوية عن طريق و أضافة عناصر نادرة تساهم باعطاء القوة للأرض لتصبح خصبة .
استخدام الطاقة النظيفة في المشاريع الزراعية للعتبة :
استخدمت العتبة الحسينية المقدسة الطاقة الشمسية في سقي و توفير المياه وخزنه في فصل الصيف و مواسم الزراعة .
حيث أن تحسين كفاءة الري من أهم الأولويات نحو الأستخدام الأمثل ، ليس لترشيد مياه الري فحسب ، بل لرفع أنتاج المحاصيل الى مستويات أعلى ، حيث تم نصب اكثر من 120 لوح شمسي عالي القدرة بطاقة ضخ 20 حصان و بضمان 25 سنة ، حيث أن المنظومة تعمل على الطاقة الشمسية نهاراً و ليلاً على الطاقة الكهربائية .
تم حفر بركة كبيرة لخزن الماء الفائض و الرجوع اليه عند الحاجة ، فضلاً عن تميز هذه المنظومة كونها كفوءة و لا تقبل العطل حيث تتوقف ذاتياً عند حدوث أي خلل .
وهناك دراسات علمية لمستويات المياه الجوفية الموجودة و يتم السحب من هذه المياه بطريقة علمية لضمان عدم نفاذ هذا الحزين المائي.و هذه البركة الصناعية تستوعب 4000 م3 و تحتوي على ثلاث مضخات واحدة تعمل بالديزل و اثنان بالكهرباء ، و تستخدم هذه المضخات لأغراض سقي المساحات الزراعية .
مشاريع العتبة الحسنية الزراعية :
اعتمدت العتبة الحسينية المقدسة خطة طموحة أفقية و عمودية و تعددت مشاريعها الزراعية لتغطي جميع الجوانب الزراعية و لتعطي دعماً للزراعة و نموذجاً يحتذى به ، ولم تغفل العتبة دور البحث العلمي و التطورفي التقنيات الزراعية حيث وظفت هذه الخبرات و التقنيات في مشاريعها الزراعية . و في ما يلي أهم هذه المشاريع الزراعية :
مزرعة فدك للنخيل :
تعد من اهم المشاريع التي تنفذها العتبة الحسينية المقدسة في القطاع الزراعي ، تقع على بعد20 كم من مركز مدينة كربلاء المقدسة (الجهة الغربية) ، اسست المزرعة عام 2011 و تغطي مساحة 2000 دونم تستوعب 70 الف نخلة .
تم زراعة اكثر من 16 الف نخلة على مساحة تجاوزت ال500 دونم كمرحلة اولى و العمل يجري على زراعة 850 دونم اخرى، تحتوي هذه المزرعة على 70 صنف من اجود اجناس التمور العراقية و العربية ، وصلت أعداد الفسائل الى اكثر من10 للام الواحدة .
تم حفر (10)ابار ارتوازية بعمق(300-400 متر) ، تحتوي 5 بحيرات بسعة (20,000 م3) للبحيرة الواحدة ، تعتمد المزرعة على منظومة كاملة للري بالتنقيط . و تحتوي على معمل لتعليب التمور و مخازن مبردة قيد الأنجاز ، تم أطلاق علامتها التجارية مطلع العام 2021.
مشروع عطاء الحسين للتربية الأسماك :
يعد هذا المشروع واحد من اكبر مشاريع تربية الأسماك و يقع ضمن مدينة الأمام الحسين الزراعية ، حيث شرعت العتبة الحسينية بتنفيذ مشروع احواض تربية الأسماك الذي يعد الأكبر ضمن مشاريع الثروة السمكية في مدينة كربلاء المقدسة بعد مشروعها الآن الذي ينتج اربعة اطنان يومياً . حيث تم تخصيص 500 دونم لتنفيذ هذا المشروع الكبير ، و سيتم تجهيزه باكثر من 350 الف أصبعية من السمك لتربيتها و تكبيرها و تسويقها محلياً .
ان الطاقة الانتاجية الكلية للمزرعة تصل الى 600 الف كيلو غرام .و يشمل المشروع ايضاً انشاء مفقس للأسماك ، اضافة الى انتاج الاعلاف الخاصة لتربيتها ، حيث تهدف العتبة الحسينية من وراء تنفيذ هكذا مشاريع لأحياء الصناعة و الأنتاج المحلي و تزويد المواطنين بالمنتجات الزراعية الصحية ، فضلاً عن المساهمة في تقليل اسعار الاسماك التي ارتفعت في المحافظات المجاورة ، و هي خطوة ايضاً تهدف الى عدم اعطاء مجال لدخول الأسماك المستوردة الى الاسواق العراقية و تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه الثروة.
مشروع سيد الشهداء الزراعي :
ان مشروع سيد الشهداء من المشاريع المهمة التي تعمل عليها ، العتبة الحسينية منذ سنوات من خلال أستثمار المناطق الصحراوية لمدينة كربلاء .
مساحة المشروع التي تمت زراعتها تبلغ 4000 دونم من محصول الحنطة الذي يعتبر من المحاصيل الاستراتيجية و هذا المشروع يساهم في تأمين السلة الغذائية لمحافظة كربلاء و المحافظات المجاورة ،
أضافة الى المساهمة بتزويد القطاع الحيواني بالأعلاف المنتجة من محصولي الحنطة و الشعير .
يذكر أن هذه المشاريع حولت مساحات شاسعة في صحراء كربلاء الى واحة خضراء سيكون لها اثر كبير في تحسين البيئة و معالجة التصحر الذي يعتبر احد مشاكل البيئة الخطيرة التي تواجه العالم .
مشروع الصديقة الطاهرة (عليها السلام ):
هو مشروع واعد لأستثمار مليون دونم من الأراضي االصحراوية بناحية السلمان في بادية السماوة بالتنسيق مع الجهات المعنية في المحافظة و وزارتي الزراعة و الموارد المائية .
هذه المساحة التي تقدر بمليون دونم ستحتوي في المستقبل القريب على مشروع زراعي متكامل يضم الانتاج الحيواني و النباتي و كذلك المحاصيل الاستراتيجية مثل الحنطة و الشعير ، اضافة الى الاقسام المرتبطة بالزراعة والتي تدخل في الصناعة مثل معمل معجون الطماطم و آخر للتعليب و الألبان .
هذا المشروع في حال أكتماله سيكون داعماً للقطاعين الزراعي و الصناعي لما سيحويه هذا المشروع من مصانع و مزارع بمساحات شاسعة و التي تعد من المشاريع الرائدة لدعم القطاع الزراعي و توفير المحاصيل الأستراتيجية للمواطن العراقي بالأضافة الى تشغيل الشباب









تعليقات